الأستاذ: محمد بن عيسى باحث في علم الإجتماع
الكساد الاقتصادي وأسبابه الذي يضرب تطوان والنواحي (ولو أن هذا الكساد غير محدد علميا، ولكن كانطباع شخصي دائما ما تعرف المنطقة هبوط في دوران العجلة الاقتصادية في هذه الفترة من السنة ). يردونها الى إغلاق المعامل التي كانت بالمنطقة الصناعية لمرتيل اوبطريق كويلمة او بتراجع نشاط التهريب بباب سبتة، او برغبة المسؤولين المركزيين خنق المدينة للمزيد من خلق حالة الارباك والاحتقان.
متفق مبدئيا حول بعض الاسباب، وإن كانت تلك الافكار تحمل في ذاتها تناقضات او بذور تفنيدها … على سبيل المثال: كيف ستزدهر المنطقة صناعيا # في ظل نشاط مكثف للتهريب.
لكن لفهم الوضعية بشكل اعمق : الراسمال الذي كان وراء ازدهار الصناعة بعد فترة الاستعمار بتطوان كان يعود للبورجوازية الوطنية، التي كانت تحمل هم تحقيق ارباح( مصالح ذاتية ) فإن ذلك ينعكس ايجابا على المجتمع ( المصلحة العامة ) … لكن بعد ذلك تراجعت البورجوازية الحقيقية لفائدة مبيضوا اموال المخدرات بشتى انواعها، وبما ان الصناعة ميدان يحتاج الى الكثير من الكياسة والتدبير … فإن القطاع الذي يعتبر جنة تبييض الاموال هو قطاع العقار، والتركيز على بعض انشطة الخدمات ( مقاهي، مطاعم … ). وهي انشطة لا يمكن ان تحقق اي تنمية اقتصادية… ومما زاد في تازيم الوضع هو نشاط التهريب من باب سبتة، لانه لا يمكن لراسمال ان يتعايش مع منطقة جل نشاطها قائم على التهريب وتبييض الاموال، وهنا أستحضر مقولة ” رأس المال جبان “.
واذا كان البعض يلقي باللائمة على المسؤولين المركزيين في محاولتهم لخنق اقتصاد تطوان ( نظرية المؤامرة )، فأنا القي باللوم على ما يسمى ” بالنخب المحلية ” غير قادرة على طرح بدائل والاستفادة من الامكانيات المتوفرة بهذه المنطقة سواء على المستوى البشري، الثقافي، التاريخي، الموقع الاستراتيجي، البنية التحتية … ). نخب همها الاول خدمة مصالحها الشخصية والوصول الى المناصب…
أظن أن البحث عن مخرج حقيقي للوضعية الاقتصادية بالمنطقة لا يمكن ان يكون الا بشكل عقلاني ومبني على اسس علمية، عوض الانفعال واطلاق توصيفات جاهزة تضر المنطقة اكثر مما تخدمها.