بقلم: جعفر الحر
يبدو أن المعطي منجب ومنذ خروجه من السجن، كلما تحدث زاد الطينة بلة، فكل كلامه أصبح خبط عشواء، فهو لا يزن الكلمة بميزان العقل والمنطق، والسمة الغالبة في تصريحاته النفاق والكذب الموسوم بالعبثية، بل حتى وهو يحاول أن يعتذر لأسرة محمد بنعيسى آيت الجيد عن إساءته للشهيد لم يسلم من آفة الكذب والنفاق، بمعنى أنه “جا يكحلها عماها”.
لا يحتاج المعطي منجب للمثل القائل “الكذاب نسيه وعاود سولو”، فهو يكذب في نفس الجلسة وفي نفس اللحظة دون استحياء، فهو يعتذر لعائلة الشهيد وأصدقاءه ويقول أن ارتكب خطأ لأنه لا يملك معلومات كاملة حول القضية، وبعدها مباشرة يصرح أنه سبق له أن قدم محاضرة من ساعة كاملة حول قضية آيت الجيد في بروكسيل بحضور 250 من أصدقاء الشهيد، “وجهك قاسح آ المعطي”، كيف تحاضر في قضية ولا تملك عنها معلومات كافية؟
ومن المشين أن شخصا يدعي أنه مفكر ومؤرخ وباحث جامعي وأستاذ جامعي درس في كبريات الجامعات في العالم، إضافة لتقديمه لدورات تدريبية في الصحافة الاستقصائية القائمة على البحث والتدقيق والمعلومة الصحيحة، يقول طيلة كلمته الاعتذارية أن “شخصا ما قال لي” و”قيل لي بعدها” و”لم أكن أعرف”..، يبدو أن المعطي منجب “غي داوي خاوي” ولا يعلم في ملكوت الله إلا من أين تأكل الكتف، “زعما” الاغتناء السريع والسهل.
المغالطة الثانية التي وقع فيها المعطي منجب المتهم باختلاس وتبييض أموال خارجية، أنه ادعى أنه كان طالبا قاعديا وله صولات وجولات في الجامعة المغربية والفرنسية وهو أمر جديد لم يسبق أن صرح به قبلا، ليس مهما ولكن المثير أنه يقول أن التيار القاعدي كان ديمقراطيا ولم تكن له أية طموحات سياسية، وهذا إما كذب صريح أو جهل فكري وتاريخي بأجندة هذا التيار الذي ادعى أنه ينتمي إليه، فالجميع يعلم أن توجه التيار القاعدي كان ثوريا استئصاليا يؤمن بالعنف من أجل التغيير، ويعتبر بمثابة اليسار الراديكالي، وأنصح “سعادة المؤرخ” أن يقرأ التاريخ ويبحث جيدا عوض الهرطقة والنفاق، فالعلم نور والجهل عار.
يبدو أن المعطي منجب كلما حاول الهروب من أخطاءه إلى الأمام، زاد الأمر صعوبة على نفسه، فحتى يتجنب احتجاج اليسار نسب نفسه لليسار، وأبان عن جهل واضح في معلوماته، ونتمنى ألا يضطر غدا لأن يربي دقنا ويعلن نفسه المهدي المنتظر ليتجنب رد فعل الاسلاميين حين ينتقدونه على هذه الخرجة، فحبل الكذب والنفاق واللعب على الحبلين لا يجدي نفعا، فإن غذا لناظره قريب، وسؤال من أين لك هذا ما يزال ينتظر جوابا.
وبما أن النضال والحقوق عند المعطي منجب تكون بشكل انتقائي فإن الاعتذار كان انتقائيا أيضا، فقد غاب ضحايا بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني عن لائحة الاعتذار التي اقتصرت على الشهيد محمد بنعيسى آيت الجيد والشاهد الخمار الحديوي الذي احتقره منجب لأنه يشتغل مهنة شريفة “شيفور”، (هادشي اللي كان ناقصك هو التنمر)، ولأنه يظن أن باقي الضحايا لا بواكي لهم فقد نكأ على الجراح دون رحمة، لكنه أخطأ المسعى وسمع منهن ما يستحق، وفي تدوينة الصحفيتين نعيمة الحروري وحفصة بوطاهر الجواب الشافي.
أبانت تصريحات المعطي منجب منذ استفادته من السراح المؤقت أنه جاهل في القانون والسياسة والتاريخ والفكر السياسي، وحتى في فن الاعتذار عن الخطأ، وهالة الألقاب التي يحيط نفسه بها محض افتراء، ومن فرط إدمانه على أسلوب حياة وتفكير واحد، وهو النضال المدفوع الأجر، نسي أن فن الترافع والتدافع الفكري لا يقوم على الكذب ورمي الناس بالباطل، وأن الاعتذار من شيب الكبار وليس هروبا إلى الأمام.