بقلم مدير النشر: محمد زريزر
احتفالا بذكرى عيد العرش المجيد بالمغرب اعتُبر تاريخيا تقليدا سنويا يجدد فيه المغاربة بيعة الولاء إلى الأسرة العلوية الشريفة وإلى سلاطينها وملوكها، إلا أن هذا الاحتفال بات له طعم خاص على عهد جلالة الملك محمد السادس الذي أخذ على عاتقة الانخراط فعليا وميدانيا في تنمية بلاده وشعبه، بل إن قدرة صاحب الجلالة على التلاحم مع هذا الشعب جعلته يقود “ثور ناعمة” منذ بداية حكمه وتجسدت بالخصوص هذه الثورة، في زمن “الثورات العربية” عندما أبى جلالته إلا أن يؤسس لثورة بطابع مغربي تُوجت بدستور جديد لقي ترحيبا دوليا خاصة بعد إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
خبراء غربيون اعتبروا جلالَته ملكا مستنيرا
لا شك أن المتتبع لما بات يُصطلح عليه إعلاميا وسياسيا على المستوى الوطني والدولي بـ”العهد الجديد” يقف عند قناعة أساسية، وهي أن الأمر يتعلق بتحقيب زمني يمتد إلى 20 سنة خلت، وتحديدا منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، في 30 يوليوز سنة 1999، وهي الحقبة الزمنية التي انخرط فيها جلالة الملك بقوة في إحداث تنمية شاملة على كافة الأصعدة، ولاسيما في مجال محاربة الهشاشة الاجتماعية والفقر، إلى حد جعل الإعلام الغربي يصف جلالته بملك الفقراء، لما تحمله الكلمة من دلالات وأبعاد اجتماعية وإنسانية.
وليس من غريب الصدف أن نجد خبراء سياسيين من دول غربية ينوهون بموضوعية إلى ما تم تحقيقه وطنيا في عهد جلالة الملك، ويشيدون بـ”التغييرات العميقة” التي تمت على عهد جلالته في المغرب واصفين العاهل المغربي بأنه “ملك مستنير” يقود شعبه بـ”حكمة على طريق الحداثة”، كما جاء على لسان أعضاء بغرفتي البرلمان البريطاني، وما أدراك ما الأعضاء المنتسبون إلى أعرق الديمقراطيات الغربية.
وبالنسبة لهؤلاء فإن “جلالة الملك محمد السادس ملك مستنير ينبغي الإشادة بقيادته”، ولا أدل على ذلك القول الآتي من سياسيين خبروا العمل السياسي وإدارة الشأن العام، من أن المغرب عرف منذ اعتلاء محمد السادس، “تغييرات عميقة٬ تعزز تطوره السياسي والاقتصادي٬ مما مكنه من المضي قدما وبكل ثقة إلى التحديث أكثر”، مؤكدين أن المغرب تمكن بفضل الجهود الدؤوبة لجلالته من تعزيز مكانته بين الدول٬ قبل أن يخلص هؤلاء البريطانيون إلى أن المملكة “الدولة / الأمة تعد ملاذا للسلم ونموذجا للتطور الديمقراطي والاقتصادي في المنطقة”.
الغرب يشيد بالنموذج المغربي
إن المغرب ينتظره مستقبل زاهر على ضوء التقدم الذي حققه والذي يجعل من المملكة شريكا مفضلا، برأي هؤلاء، حيث ينبغي للدول الغربية أن تواصل تعزيز شراكاتها معه في المجالات الاقتصادية والسياسية”، مذكرين بالانفتاح الذي عرفته المملكة منذ اعتلاء جلالة الملك العرش٬ وخاصة على مستوى العدالة الإنسانية حيث أن التجربة الرائدة لهيئة الإنصاف والمصالحة تعتبر مبادرة “حيوية مكنت المغرب من طي صفحة الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان والمضي قدما نحو مزيد من التقدم السياسي”.
وليس هناك أصدق قولا في شخص يمارس مهام الحكم من الأكاديمي الباحث في المجال الإداري والسياسي، الذي لا يصدر أحكامه إلا بعد إخضاع موضوع دراسته وبحثه للدراسة والتمحيص، بحيث يكون حكمه على هذا السياسي أو ذاك الحاكم نابع من مدى ملاءمة تصرفات هؤلاء الأشخاص لأدبيات ونظريات السياسات العامة، التي لا تكون ناجعة إلا بمدى مطابقتها للصالح العام ودرجة قدرتها على جعل المواطن في صلب اهتمامات تلك السياسات العامة.
من هؤلاء الخبراء القانونيين والإداريين الأستاذ ميشيل روسي، الملقب بـ”أب” القانون الإداري المغربي والعميد الفخري حاليا لجامعة غرونوبل٬ الذي أكد في تصريحات حديثة له بأن جلالة الملك محمد السادس أبان عن “واقعية وتبصر” بإقراره مراجعة شاملة للمؤسسات وباقتراحه إصلاحا دستوريا حقق “توازنا غير مسبوق” بين السلطات.
وبرأي فقيه القانون الفرنسي البارز الذي شارك في صياغة الدستور المغربي لسنة 1996 فإنه بعد إقرار دستور الذي تم الاستفتاء بشأنه من لدن المغاربة وصوتت عليه غالبيتهم، فقد أصبح من اللازم أن تستفيد الأحزاب السياسية والجمعيات أكبر استفادة “من هذه المستجدات الدستورية”.
ويضيف روسي أن ما يميز المسار الذي اختاره المغرب وجلالة الملك للإجابة عن معطيات “الربيع العربي”٬ هو “إدراك جلالة الملك للحقائق السياسية والمؤسساتية الجديدة”، مؤكدا أن جلالة الملك “أبان عن حسه السياسي بإقراره بواقعية وتبصر٬ إجراء مراجعة شاملة للمؤسسات”.
وأشار إلى أن جلالة الملك عند قيامه بذلك “أظهر أنه واع تماما بأن المؤسسات السياسية والدستورية لم تعد تتماشى مع ما تحتاجه الوضعية السياسية الداخلية للمغرب وبيئته الدولية خاصة العربية والمغاربية”، مؤكدا أن دستور سنة 2011 نص على “إعادة توازن غير مسبوق للسلطات” لفائدة المؤسسات المنبثقة عن الاقتراع الشعبي٬ البرلمان والحكومة٬ وهو ما أظهره استفتاء فاتح يوليوز 2011.
المغرب..شجاعة المواجهة
على المستوى الاقتصادي تشير مصادر سياسية غربية إلى أن المغرب يتمتع بوضع اقتصادي محل “اهتمام من قبل البلدان الأخرى التي تواجه مشاكل خطيرة”٬ وأن المغرب بفضل إطاره السياسي والماكرو-اقتصادي المستقر٬ ينظر إليه كسوق واعد ينبغي للشركاء الأوروبيين العمل معه.
وتكشف هذه المصادر في تصريحات إعلامية عن أن “المشاريع البنيوية الكبرى” التي أطلقها المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة٬ وعلى الخصوص ميناء طنجة-المتوسط والمبادرات الطموحة التي اتخذتها المملكة لتطوير المجالات الجديدة مثل الطاقات المتجددة٬ وترحيل الخدمات (الأوفشورينغ)٬ والقطاعات المالية٬ جعلت المملكة وجهة جذابة بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص أعمال جديدة.
وبحسب هؤلاء دائما فإن هذا التقدم المقرون بنجاح المغرب في تنويع شراكاته٬ يمنح فرصا حقيقية للمستثمرين٬ لأن المغرب وضع سياسات واستراتيجيات ملائمة تسمح له بتثمين فرصه من أجل تحقيق التنمية٬ ومن ذلك المقاربة التي اعتمدها هذا البلد بهدف ضمان تنمية عادلة عبر كل التراب الوطني.
ولا يجد خبراء غربيون حرجا في أن يصلوا في خلاصاتهم التحليلية لواقع بلادنا على عهد جلالة الملك من أن يقولوا “أن الشعب المغربي يحق له أن يكون فخورا بالمكاسب الملحوظة التي تحققت تحت قيادة جلالة الملك” منوهين على “الالتزام الشخصي والدائم لجلالة الملك لفائدة التنمية بالمملكة٬ وإلى أن وتيرة الانفتاح الذي عرفه المغرب منذ اعتلاء جلالة الملك العرش يثلج الصدور ويطمئن على مستقبل المغرب”.
ويشير أحد هؤلاء الخبراء البريطانيين وهو اللورد هاريسون٬ المطلع على قضايا المغرب وشمال إفريقيا٬ إلى أن المسؤولين المغاربة واجهوا٬ بالشجاعة والمثابرة٬ المشاكل التي تعاني منها البلاد٬ من خلال اعتماد استراتيجيات مكنت من وضع المغرب في مركز الصدارة على الصعيد الإقليمي في مجال التطور الاقتصادي والسياسي.
وعبر، في تصريح لوكالة المغربي العربي للأنباء، عن إعجابه بشكل خاص بالتطور الإيجابي الذي عرفته وضعية المرأة في المغرب٬ وعلى الخصوص منذ المصادقة على مدونة الأسرة.
وقال اللورد هاريسون “إنه لأمر مدهش أن نرى المرأة المغربية ممثلة في جميع القطاعات”٬ مشيدا بالمرأة المغربية على مشاركتها الفاعلة وعلى الخصوص في مجال العمل الاجتماعي.
الملك..مستشرف رائد
في ما يتعلق بالأحداث التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال سنة 2011، أكد اللورد هاريسون أن المغرب قد نجح في التعامل مع هذه الأحداث الحاسمة٬ مشيرا إلى أن جلالة الملك أظهر قدرة كبيرة على الاستشراف٬ من خلال تقديم دستور رائد وضع المغرب في مصاف البلدان ذات التقاليد الديمقراطية العريقة، مضيفا أن هذه “القدرة لم تأت صدفة لأن المغرب ومنذ سنوات كان جد متقدم في مجال التطور السياسي والديمقراطي مقارنة مع البلدان الأخرى في المنطقة”٬ ومؤكدا في ذات السياق أن الملاحظين المطلعين والواعين بهذا الواقع٬ يدركون جيدا أن المغرب يتوفر على مؤسسات قوية تجعله في مأمن من الاضطرابات.
واعتبر اللورد هاريسون أن المغرب٬ القوي بجميع أسسه٬ يقدم مثالا رائعا لبلد يتجه نحو الحداثة مع دفاعه في نفس الوقت وبغيرة عن تقاليده٬ مشيرا إلى أن إمكانات المملكة وعلاقاتها الممتازة مع البلدان الأكثر نفوذا في العالم تمكنها من التطلع وبكل ثقة إلى مستقبلها.
ويبدو أن الدستور المغربي الذي استُفتي فيه الشعب المغربي وصوت عليه بشبه إجماع، في فاتح يوليوز سنة 2011، قد لقي ترحيبا وطنيا وإقليميا ودوليا، لاسيما أنه اعتبر من طرف الخبراء الدستوريين والقانونيين دستورا متقدما، بل إن هناك من ذهَب في وصف الدستور المغربي الجديد إلى اعتباره “ثورة صامتة أو ناعمة” قادها جلالة الملك بنفسه تفاعلا مع أحداث ما بات يسمى بـ”الربيع العربي”، وهي الأحداث والاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة العربية بداية من خريف سنة 2010، وما تزال مستمرة إلى اليوم في بعض الدول العربية، بعدما أطاحت بأنظمة دكتاتورية ظلت لسنوات تستبعد أي مشاركة شعبية في إدارة الحكم.
وبقدر ما حرص الدستور الجديد على ضرورة ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة والعقاب، فإنه لم يغفل كذلك تكريس كل الحقوق والحريات المتعارف عليها إنسانيا ودوليان مع احترام مقومات الوطن الثقافية والدينية طبعا؛ وهذا فقد أقر دستور سنة 2011 قرينة البراءة، وضمان شروط المحاكمة العادلة٬ وتجريم التعذيب٬ والاختفاء القسري٬ والاعتقال التعسفي٬ وكل أشكال التمييز والممارسات المهينة للكرامة الإنسانية٬ وضمان حرية التعبير والرأي٬ والحق في الولوج إلى المعلومات٬ وحق تقديم العرائض٬ وفق ضوابط يحددها قانون تنظيمي.
و يؤطر هذه الحقوق والحريات التنصيص الصريح للدستور الجديد في فصله الثاني على أن “السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها، وتختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم”. قبل أن يأتي الفصل السادس ليؤكد أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. وتعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية”.
وقد كانت المفاجأة الكبرى في الدستور الجديد هي إلغاء الفصل 19 (في صيغته القديمة) المثير للجدل، والذي كان يتحجج به البعض للتشكيك في التجربة الديمقراطية المغربية، ويعتبرونه “دستورا داخل الدستور” مع أن جانبا من الفقه القانوني ظل يفسر مضمون هذا الفصل؛ “الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور..”، بأن كل ذلك هو مجرد احتياط دستوري un subsidiaire constitutionnel، يوظف لمواجهة كل الاحتمالات (كالفراغ التشريعي، وحالة الاستثناء، وحالة الحصار، وحالة الحرب، وحالات التحكيم، وحالات التأويل…)، أما في الظروف العادية فإن النظام الدستوري المغربي يشتغل بعيدا عن تأثيرات هذا الفصل.
لكن إنهاء هذا الجدال جاء مع الدستور الجديد، بحيث أبى جلالة الملك إلا أن يضع حدا لذلك، بل وليجعل هذا الفصل نموذجا عمليا صارخا للإٍرادة القوية للقيادة الرشيدة، ورسالة لا غبار عليها لمن يهمهم الأمر فيما يخص الحقوق والحريات، بحيث بات الفصل المثير للجدل ينص على المساواة بين الرجل والمرأة والتأسيس لذلك دستوريا، إذ دعا إلى إنشاء هيئة دستورية للمناصفة بين الجنسين، ونص حرفيا على أنه “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”. قبل أن يضيف “تسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء”، وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”.
ثورة على النمط المغربي
إن الدستور الجديد اعتبر بحق ثورة بطابع مغربي أصيل تماهى فيها العرش مع الشعب وانخرط فيها الجميع للتأسيس لمغرب جديد يدمج كافة شرائحه المجتمعية في تنمية هذه البلاد الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وبالتالي كانت بلادنا في منأى عن مثل تلك القلاقل التي عاشتها وتعيشها بلدان مجاورة لنا، والتي كبدت البلاد والعباد خسائر لا قبل للناس بها؛ إنه الدستور الذي كرس دولة القانون وأعطى للعالم درسا يصدح بكون النموذج المغربي له من المناعة والقابلية للتأقلم مع مختلف الأحداث ما يجعله ينجح في كسب رهان الاستثمار في الإنسان، وإتاحة الفرصة للجميع للنهوض بتقدم البلاد وتطورها في احترام تام لمبادئ اللعبة الديمقراطية.
وفي هذا السياق ليس أدل على نجاح التجربة المغربية من الإسراع -بمجرد انخراط الشعب المغربي إسوة بما يجري لدى الأشقاء في المنطقة العربية، في احتجاجات رغم كان ذلك كان من بين الحقوق التي راكمها المغرب طيلة سنوات خلت- إلى إحداث تغيير جذري على الدستور المغربي وتلته مباشرة انتخابات حرة ونزيهة، باعتراف مراقبين دوليين وقوى عظمى، ليفوز فيها حزب معارض ذو توجه “إسلامي” استطاع أن يحتل المرتبة الأولى في انتخابات شارك فيها أزيد من 47 بالمائة من الناخبين، وليتم فسح المجال لهذا الحزب (العدالة والتنمية) لتشكيل حكومة يترأسها أمينه العام، في أول تطبيق عملي لمؤسسة رئاسة الحكومة (الوزير الأول بالصيغة الدستورية القديمة).
ولكن عين الغرب ظلت مركزة على المنطقة العربية طيلة السنوات الماضية، بسبب تداعيات الاحتجاجات العارمة التي شهدتها مختلف البلدان العربية وأطاحت بأنظمة حكم البعض منها بينما ما تزال بعض الأنظمة تترنح بسبب إحجامها عن الاستجابة لمطالب شعوبها المتعلقة بالحرية والديمقراطية، فإن المنظار الغربي إزاء ما يحدث من تطورات إيجابية على صعيد المملكة الشريفة، كان أكثر دقة ورصدا، فجاءت شهادات مختلف العواصم الغربية الأوروبية منها والأمريكية، منصفة للنظام المغربي الذي عرف كيف ينخرط في إصلاحات اعتبرت تكريسا لأرضية خصبة ظلت ترعاها السلطات العليا بالبلاد، ولذلك تم تجنيب البلاد ويلات غد مظلم. بل على العكس من ذلك باتت التجربة المغربية، بنظر هذا الغرب نموذجا يُحتدى ينبغي على الأنظمة السياسية بالمنطقة أن تقتفي آثاره وتسير على هديه.
وأحدث هذه الشهادات المنوهة بالنموذج المغربي في الإصلاح جاءت من البيت الأبيض حيث قال كاتب الدولة الأمريكي المساعد المكلف بالمغرب العربي، راي ماكسويل٬ إن جلالة الملك محمد السادس قائد “حكيم متبصر عرف كيف يستجيب لتطلعات شعبه”٬ حتى قبل قدوم “الربيع العربي”٬ مؤكدا أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب المغرب لتعزيز هذه الدينامية “الإيجابية” للإصلاحات.
وبرأي هذا المسؤول الأمريكي الذي أجرى زيارة للمغرب مطلع في السنوات الأخيرة الماضية التقى خلالها بمسؤولين وممثلين عن المجتمع المدني٬ فإن “العديد من الإصلاحات التي أطلقها جلالة الملك استبقت الربيع العربي٬ كما أن الكثير من المطالب المعبر عنها اليوم من طرف شعوب المنطقة سبق وتمت تلبيتها بالمغرب بفضل الحكمة والقيادة الرشيدة لجلالة الملك”.
وأوضح، في حديث نقلته وكالة الأنباء المغربية، أنه “خلال زيارتي للمغرب٬ عاينت تلك الصورة الإيجابية التي يتوفر عليها المغرب بالخارج٬ وكذا حماس مختلف فاعلي المجتمع المغربي”٬ مشيرا إلى أن الإصلاحات التي تمت مباشرتها في إطار الدستور الجديد ” نتيجة لمقاربة متدرجة٬ لم تأت بين عشية وضحاها٬ تروم ضمان الاستمرارية بشكل دائم”.
وأبرز كاتب الدولة الأمريكي المساعد المكلف بالمغرب العربي أن “جميع المؤشرات تبرز الطابع المتميز لهذه الإصلاحات التي تعد وليدة إرادة أصيلة أيضا لتحسين ظروف عيش المغاربة من دون كلل”.
وليس من باب الترف أن نشير إلى أن التحركات المكوكية التي يقوم بها جلالة الملك في مختلف ربوع المملك، منذ اعتلائه العرش، بحيث جسد على أرض الواقع كون جلالته أهلا لكل الأوصاف السامية والنبيلة، بدء بـ”ملك الفقراء”، ومرورا بـ”الملك الشاب”، إلى وصف “الملك المتواضع والمحبوب”، كلها أوصاف ونعوت جسدها الملك محمد السادس واقعا لا قولا، فرأينا كيف التحم الموكب الملكي وشخص جلالته تحديدا بصفوف الشعب المغربي في كل مدينة وقرية حل بها، وكيف احتضن أبناء الفئات المحرومة والمعوزة وأعطى الانطلاقة لمشاريع ضخمة تخدم هاته الفئات وتساهم في محاربة الهشاشة الاجتماعية، وهو ما جاءت من أجله ولغايته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي احتفلت هذه السنة بعامها الرابع عشر (14). وغير ذلك من المشاريع التنموية الرائدة سواء تعلق الأمر بمجال الطاقة البديلة حيث أضحى المغرب قبلة تتوجه إليها الأنظار العالمية في هذا الإطار، بالنظر إلى الاستثمارات المهمة التي تم رصدها لهذا الغرض، بالإضافة إلى مشاريع أخرى ضخمة، لا يسع المجال لذكرها، ولكنها جسدت بحق الإرادة القوية لجلالة الملك لكسب رهان التنمية الذي يطمح جلالته إلى تحقيقه والذي جعله عهدا مناطا به كما جاء في ختام خطاب جلالته المعلن عن انطلاق “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” يوم 18 ماي سنة 2005، بحيث قال جلالته “وإنه لعهد وثيق يجب أن نـأخذه جميعا على أنـفـسـنـا لـتـكـريـس كـل الـجهود، مـن أجل انتـشال الـفئات والجهات المحرومة من براثن الفقر والإقصاء والتخلف، وتمكينهـا من الأخذ بناصية الـتقدم، وتـحقيق التنمية البـشرية الـمستدامة، باعـتبارها الـمعركة الأسـاسـيـة لمغرب اليوم والغد”.