أنا الخبر ـ متابعة
تتجه الأنظار إلى المغرب ليصبح واحدا من أكبر دول العالم في إنتاج الطاقة الشمسية، ويستقطب استثمارات ضخمة لتعزيز قدرات إنتاجه وتصدير فائضه ليكون بديلاً عن الغاز الروسي في غضون السنوات المقبلة.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”القدس العربي”، أن دولاً أوروبية وعلى رأسها ألمانيا، تقود خطوات عملية لضخ مليارات اليوروهات في مشاريع ضخمة لإنتاج الطاقة المتجددة في المغرب.
وبحسب المصادر، فإن مسؤولين من ألمانيا يخوضون مشاورات مكثفة مع المغرب، لتطوير قدرات مراكز إنتاج الطاقة الشمسية.
واتخذت السلطات الألمانية قرارات جريئة لتعويض الغاز الروسي خلال السنوات الثلاث المقبلة، ووضعت عدداً من الاستراتيجيات الطموحة.
وكان قرار التوجه نحو المغرب أحد أهم بنود خطة برلين لتأمين احتياجاتها واحتياجات جيرانها الأوروبيين من الطاقة.
وسطرت السلطات الألمانية هدفاً طموحاً، من خلال تعزيز قدرات إنتاج المغرب، والتفاوض لتصدير الفائض عبر خط يربط شمال المملكة بجنوب إسبانيا، يعبر مضيق طارق.
وتتجه بروكسل لإنشاء محطات استقبال جنوب إسبانيا، وتنقل الكهرباء نحو عواصم الاتحاد الأوروبي.
وكشفت مصادر أن شركة “سيمنز” الألمانية التي تعد أحد عمالقة الصناعات والتقنيات العالية في مجالات الطاقة، تعد محفظة متكاملة من حلول الطاقة تعمل على تهيئة المسار المستقبلي للقطاع بأكمله.
وتتحرك الشركة الألمانية وتوسع نشاطها في عدد من الدول التي تملك فيها استثمارات في مجال الطاقة النظيفة على غرار السعودية ومصر، وهي تخطط لتعزيز حضورها في المغرب.
وتنشط “سيمنز” حالياً في المغرب من خلال محطة طرفاية التي تقع جنوبي المملكة، والتي يضع عليها المغرب أملا كبيرا لإنجاح خطته في الطاقة من الرياح، وهو الأمر الذي بدأ يتحقق، حيث بدأت عملية اشتغال هذه المحطة بعد أن تم ربطها بالشبكة الوطنية للكهرباء، لتساهم بأكثر من 301 ميغاواط في إنتاج المغرب للكهرباء.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ”القدس العربي” فإن ألمانيا قررت تعزيز استثماراتها، لتتجاوز حجم المخصصات التي أُعلن عنها سابقاً.
وسبق أن كشف مسؤول شؤون التوسعة بالمفوضية الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبي عدّل بالزيادة استثماراته في المغرب على مدى الأعوام السبعة المقبلة إلى 8.4 مليار يورو (9.2 مليار دولار) لدعم خلق فرص عمل والزراعة المستدامة والطاقة المتجددة.
كما يستفيد المغرب من هذه الاستراتيجية لتعويض المصادر التي كانت تصله عبر أنبوب نقل الغاز الجزائري الذي يمر عبر أراضيه، وقررت الجزائر وقف ضخه، منذ إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
وقال المفوض أوليفر فاريلي بعد محادثات مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في الرباط، إن الشركاء الماليين الدوليين والقطاع الخاص المغربي وإسرائيل، سيساهمون أيضا في هذا الجهد الاستثماري.
وحظيت مشروعات الطاقة المتجددة في المغرب بتمويل أوروبي ضخم، إذ تتصدر هذه المشروعات خطة الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع مساعي الرباط لزيادة مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الكهرباء الوطني مع وضع خطط للتصدير إلى أوروبا.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال زيارتها إلى المغرب، تعزيز الدعم المالي المخصص للمشروعات التنموية، وفي مقدّمتها الطاقة المتجددة في المغرب.
وأشارت إلى أنه سيُخصَّص 1.6 مليار يورو (1.83 مليار دولار أمريكي) يغطي المدة ما بين 2021-2027، وفق تأكيدات مصادر أوروبية.
لكن مصادر “القدس العربي”، كشفت أن المبلغ المعلن عنه سابقاً والذي يتراوح في حدود الملياري دولار، سيتضاعف ثلاث مرات على الأقل خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويتوقع أن تصل الاستثمارات إلى نحو 10 مليارات دولار، ضمن خطة الاتحاد الأوروبي التي تستهدف الاستغناء بشكل نهائي عن الغاز الروسي قبل نهاية 2025، وتقود ألمانيا هذه الجهود بشكل مكثف.
أكبر حقل لإنتاج الطاقة الشمسية في المغرب
بداية تخطيط المغرب للاستثمار في هذه القطاع تعود لعام 2009، مع وضع خطة طاقة طموحة تهدف إلى أن تُشكل الطاقة المتجددة نحو نصف إجمالي قدرة الطاقة المركبة بحلول عام 2020.
وأدت هذه الخطة إلى توسع قوي في كل من طاقة الرياح والطاقة الشمسية على مدى العقد التالي، وزادت قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية 16 ضعفا، وزادت طاقة الرياح ستة أضعاف بحلول عام 2020.
وفي فبراير 2016، أطلق المغرب المرحلة الأولى من مجمع نور للطاقة الشمسية بقدرة 580 ميغاواط. تمتد محطة “نور 1” على مساحة 480 هكتارا من الأراضي مع 500 ألف مرآة أسطوانية تسمى الأحواض المقعّرة المستقيمة القطع.
ويصل ارتفاع هذه المرايا الشمسية إلى 12 مترا، وتنتج 500 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية في السنة، ومزودة بقدرة تخزين الطاقة لثلاث ساعات.
تعمل المحطة حاليا بكامل طاقتها وتوفر الكهرباء بسعر 0.18 دولار للكيلوواط ساعة.
ويجري حاليا إنشاء محطتي نور2 ونور3، وستستخدم محطة نور 2 نفس التكنولوجيا المستخدمة في نور1، مع سعة مركبة حجمها 200 ميغاواط، وقدرة على تخزين الطاقة لسبع ساعات.
وستبلغ الطاقة المركبة بمحطة نور 3 نحو 150 ميغاواط، لكنها ستستخدم تكنولوجيا مختلفة من الطاقة الشمسية المركزة -تضم برجا مركزيا مع مستقبلات ملحية- بالإضافة إلى سعة تخزين للطاقة تتراوح من سبع إلى ثماني ساعات. وبدأت محطتا نور 2 و3 إنتاج الكهرباء عام 2018، وتوفران الكهرباء بأقل من 0.16 دولار للكيلوواط ساعة.
كما بنى المغرب مجمع نور ورزازات، والذي يعد أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، ومجموعة هائلة من المرايا المنحنية التي تمتد على مساحة 3000 هكتار (11.6 ميلا مربعا) والتي تركز أشعة الشمس نحو أنابيب من السوائل، ثم يستخدم السائل الساخن لإنتاج الطاقة.
كما أعلنت شركة “سيمنز” تشييد مصنع لها في المغرب، مخصص لصناعة الألواح المستخدمة في المروحيات الهوائية للطاقة الريحية.
تعاون أوروبي مغربي
وقّع الاتحاد الأوروبي مع المغرب اتفاق شراكة في عام 1996، دخل حيّز التنفيذ عام 2000.
وحصل المغرب على مكانة “الشريك المميز” في تشرين أكتوبر 2008، في ظل الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي.
وترمي هذه المكانة، التي تندرج في إطار اتفاق الشراكة لعام 2000، إلى تعميق العلاقات السياسية، والاندماج في السوق الداخلية عبر تقريب التنظيمات التشريعية، وتعزيز التعاون القطاعي والجانب الإنساني للشراكة.
ويتصدر المغرب قائمة البلدان المستفيدة من سياسة الجوار الأوروبية والمساعدة المالية (زهاء 200 مليون يورو في العام).
واستُهلت المفاوضات بشأن اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمّق في مارس 2013، الذي من شأنه أن يمثّل صكا قانونيا فعّالا لتأمين الاستثمارات وتطوير المبادلات التجارية.
كما أُبرمت شراكة في مجال التنقل بين الاتحاد الأوروبي والمغرب وتسع دول أعضاء في الاتحاد (فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا والبرتغال والسويد والمملكة المتحدة) في 7 يونيو 2013.
وتحدد الشراكة الأهداف المنشودة في ما يخص إدارة الهجرة الوافدة من المغرب إلى الاتحاد الأوروبي ومختلف الأنشطة المزمع تنفيذها.