انكبت القمة الأكاديمية العربية الأولى حول الماء، التي انطلقت أشغالها اليوم الثلاثاء بالرباط، على بحث الرهانات المتصلة بتدبير الماء، تحت شعار “ثقافة وإرث”، بمشاركة شخصيات سياسية وعلمية وطنية وأجنبية.
وتأتي هذه القمة، التي تنظمها إلى غاية السابع من الشهر الجاري، مؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي للمغرب، بتعاون مع كلية العلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط، والاتحاد من أجل المتوسط، والمجلس العالمي للماء، امتدادا لأخرى قبلية للشباب العربي، شكلت منصة مثلى لمقاربة الرهانات المتصلة بالماء، ولصياغة توصيات سيتم تقديمها خلال هذه القمة.
وقالت الرئيسة المؤس سة لمؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي للمغرب، لالة بدر السعود العلوي، إن تنظيم هذه القمة يعكس الوعي بقضية الماء، التي تعيش على وقع التغيرات المناخية، التي تؤثر على وفرة هذه المادة الحيوية، مستشهدة بالخطب السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يولي عناية بالغة للماء، وبحث السبل المثلى لحسن حكامته وترشيد استغلاله.
وأوضحت في هذا الاتجاه أن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027)، يأتي امتدادا لسياسة السدود التي أرساها باقتدار جلالة المغفور له الحسن الثاني، مشيرة إلى اعتماد التقنيات المستجدة في مجال توفير الماء في السياقات الراهنة، من قبيل إنشاء الطريق السيار المائي بين حوضي سبو وأبي رقراق.
وكشفت لالة بدر السعود العلوي أن مجال اشتغال المؤسسة يركز على “الخطارة”، واستجلاء كافة العناصر المعينة على “قياس قيمتها وغاياتها عبر العمل الميداني”، واصفة هذه التقنية بالمتفردة لكونها تعمل على الحفاظ على الماء، وعلى حسن تدبيره.
وتابعت أن تقنية “الخطارة” تعتبر منظومة ووحدة تراثية متكاملة سواء على صعيد المهارة والاقتصاد أو التدبير الديمقراطي، مبرزة أنها توجد في خمس جهات من أصل 12 جهة بالمملكة.
وتطرق عميد كلية العلوم بالرباط، محمد الركراكي، من جهته، إلى البحث العلمي الذي ي عنى بالمواضيع المتصلة بالماء، من قبيل ما تقوم به مؤسسات التعليم العالي التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، والذي يشمل طرق “التدبير الذكي للماء”، و”نمذجة الأرصاد الجوية وتأثيراتها على الماء”، مؤكدا على الحاجة إلى إطلاق مبادرات أكثر طموحا تجني ثمار التكنولوجيات الطارئة لحسن استغلال هذه المادة الحيوية.
وأوضح السيد الركراكي أن التنظيم المشترك لهذه القمة بين عدة فاعلين، يروم أساسا، إبراز نظام الخطارات كـ”إرث إنساني وثقافي رائد”، مشيدا بوجاهة اختيار موضوع القمة تحت شعار “ثقافة وإرث”.
واعتبر في هذا الإطار أن تيمة الماء في السياقات الحالية تستلزم مقاربة جديدة في تدبيره، وفي استعمالاته المتعددة، لاسيما في قطاعي الفلاحة والصناعة، مع الوقوف عند إشكاليات ندرته، والمشاكل الأخرى المتصلة بتلوث الفرشة المائية، وسوء استعمال هذه المادة الحيوية، مستحضرا في هذا الاتجاه مختلف البرامج والاستراتيجيات التي تم إقرارها، تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من قبيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027).
واستعرضت الكاتبة العامة لقطاع الثقافة بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، سميرة ماليزي، من جهتها، الإجراءات والتدابير التي أقرها القطاع من أجل المحافظة على التراث الثقافي، وتدخلاته من أجل إدراج واحات فكيك، ونظام الخطارات كتراثين عالميين.
ولفتت المسؤولة إلى الدور المحوري الذي ينهض به الشباب في المحافظة على الماء وضمان التدبير المستدام لهذه المادة الحيوية.
أما ممثل المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، عبد العزيز حجاجي، فتطرق لإشكالية ندرة الموارد التي أصبحت واقعا مقلقا تفاقمه تبعات التغيرات المناخية وشح التساقطات المطرية وتأثيره المباشر على الأمن الغذائي برمته، مشيرا إلى الأدوار التي تضطلع بها المنظمة، ولاسيما في القطاع الفلاحي، والتي تتجلى في إرساء برامج واعتماد تقنيات مستجدة لتعزيز الإنتاجية، من قبيل الري الموضعي، وتوفير تمويلات لصغار الفلاحين، واعتماد زراعات قادرة على الصمود أمام الإجهاد المائي.
وأضاف أن هذه الأدوار تتجلى أيضا في بلورة تشريعات بشأن ترشيد الموارد المائية، واستجلاء الرهانات المتصلة بالأمن الغذائي، وتبادل الخبرات والمعارف، وكذا تعزيز القدرات، مشيرا إلى اعتماد 16 إجراء وبرنامجا من أجل تعزيز الأمن الغذائي بدول منظمة التعاون الإسلامي.
وتبحث القمة الأكاديمية العربية الأولى حول الماء جملة من المواضيع تتعلق أساسا بـ “الماء في الثقافة والأدب العربي .. الموسيقى، والفنون البصرية، والتراث المادي واللامادي”، و “الممارسات التقليدية لتدبير الماء .. المعارف والتقنيات العريقة، والتراث الثقافي اللامادي”، و “الرهانات المتصلة بالماء في حوض البحر الأبيض المتوسط”، و”الرهانات المتصلة بالماء في العالم العربي”.