الجزائر غاضبة من التقارب المغربي الإسباني في التفاصيل،
كعادتهم بعد كلّ تقارب للمغرب مع إحدى الدّول الصّديقة ما وراء البحار، “غضب” كابرانات الجارة “الأقرب” جغرافياً،
مُجدّدا بسبب زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للمغرب، على رأس شخصيات مُهمّة في هرم السّلطة ببلاده.
وزادت “حنقَ” عسكر الجزائر تصريحاتُ سانشيز، التي أكد من خلالها دعم بلاده للمقترح المغربي القاضي
بمنح حكم ذاتي لسكان الصّحراء المغربية تحت سيادة المملكة على كامل أراضيه الجنوبية.
ومن جانبه، سارع الذباب الإعلامي لدولة “الكابرانات” إلى مهاجمة الحكومة الإسبانية،
منتقدا موقفها الثابت من القضية الأولى للمغرب.
ووصف ما يسمّى “إعلام الكابرانات” الزّيارة المُهمّة والمثمرة للوفد الإسباني بـغير المُجدية، مُدّعيا أنها “لم تحقّق أهدافها المنشودة”.
وزعمت أبواق الكابرانات في هذا الشأن أنه في الوقت الذي كان بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، في المغرب،
بلغت مخاوف مدريد أوجها من نتائج الزيارة على مصالح إسبانية في الجزائر ومن “أخطارها” المحتملة على مستقبل علاقاتها بما وصفته بـ”القوة الإقليمية الوحيدة في شمال إفريقيا”.
ولم يتوقف “ذباب” الكابرانات عند هذا الحد، بل اختارت الصّيد في المياه العكِرة وهي تورد في تقاريرها تصريحات زعماء المعارضة في إسبانيا، التي من الطبيعي أن “تنتقد” الحكومة الحالية.
وأورد إعلام العسكر في هذا السياق أنّ “من تصريحات السّياسيين الإسبان بشأن هذه الزّيارة ما صرّح به ألبيرتو نونيز فيخو،
رئيس الحزب الشّعبي، الذي حذّر الشعب الإسباني من مخاطر سياسة الحكومة الحالية، على مصالح بلاده في الجزائر”.
ولعلّ أي مبتدئ في السّياسة في البلدان الديمقراطية طبعا، وليس في بلد من قبيل “القوة الضّاربة”،
سيدرك أنّ “القوة السياسية المعارضة الأولى في إسبانيا”، كما سمّاها إعلام العساكر بنفسه، لا يمكن إلا أن تعارض توجّهات الحكومة الحالية..
وزادت الأبواق الجزائرية الناطقة باسم النظام العسكري مدّعية أن “الإسبان” (كلّ الإسبان، يا لَلعجب)
باتوا ينظرون إلى زيارة رئيس حكومتهم للمغرب كذلك على أنها “من مؤشّرات متاعب جديدة لشركة ناتورجي”.
وتابعت أن الشّركة المذكورة باشرت خلال السّنة الجارية مفاوضاتها مع نظيرتها “سوناطراك” الجزائرية،
بعد أن قرّر النظام العسكري في الجزائر أن تنصبّ المحادثات حول أسعار الغاز كل سنة بدل كلّ ثلاث سنوات،
بخلاف ما كان عليه الوضع قبل “الأزمة” بين البلدين.
الجزائر مخنوقة من التقارب
وبعيداً عن توهّمات منابر العسكر، أصدر الجانبان المغربي والإسباني في أعقاب أشغال الدورة الـ12 للاجتماع رفيع المستوى بينهما، بيانا مشتركاً حول الصّحراء المغربية.
وعقد هذا الاجتماع المُهمّ الخميس الماضي في الرباط العاصمة وجدّدت الحكمة الإسبانية من خلال البيان الذي أعقبه موقفها الثابتَ بشأن قضية الصّحراء المغربية.
وكان هذا الموقف قد ورد في الإعلان المشترك بين الرباط ومدريد في أبريل من السنة المنصرمة،
إثر لقاء الملك محمد السادس وبيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية.
وشدّد الإعلان المشترك لـ7 أبريل 2022 على أنّ إسبانيا ترى أن المقترَح المغربي للحكم الذاتي الذي قدّمه في 2007 “الأساس الأكثرَ جدّية وواقعية وصدقية لحلّ النزاع حول الصحراء المغربية”.
وموازاة مع ذلك، أقرّت إسبانيا في الإعلان المشترك ذاته بالأهمية التي تمثلها قضية الصّحراء للمغرب،
وبـ”الجهود الجادّة وذات المصداقية للمملكة المغربية في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه لهذا النزاع” المفتعل.
يشار إلى أن أشغال الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغربي -الإسباني،
التي شهدت مشاركة وفد إسباني رفيع وعدد من الوزراء والمسؤولين في الحكومة المغربية،
التوقيع على عشرين اتفاقية ثنائية في العديد من مجالات التعاون بين المغرب وإسبانيا.