الجزائر تتلقى “ضربة روسية” بسبب الصحراء المغربية وفي التفاصيل،
مرة أخرى، تجد الدبلوماسية الجزائرية نفسها في موقف محرج على الساحة الدولية، حيث غاب ملف الصحراء بشكل لافت عن جدول أعمال اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، على هامش قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ. هذا التجاهل يعكس بوضوح التراجع المستمر لنفوذ الجزائر في هذا الملف، مقابل تنامي التأييد الدولي للمقاربة المغربية التي تعتمد على حلول واقعية ومتوافقة مع التوجهات الدولية الراهنة.
ورغم أن الجزائر جعلت قضية الصحراء محور تحركاتها الدبلوماسية لعقود، إلا أن الأولويات الجيوسياسية العالمية باتت تركز على قضايا أكثر إلحاحاً، مثل الأمن في منطقة الساحل، والاستقرار في إفريقيا جنوب الصحراء، والتطورات في القضية الفلسطينية. هذا التحول يفرض تحديات جديدة على الدبلوماسية الجزائرية، التي تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد الدولي.
اللافت في هذا السياق هو النهج المتوازن الذي تتبناه موسكو، رغم علاقتها التاريخية بالجزائر، حيث يبدو أنها تفضل الحفاظ على مصالحها الإقليمية دون الانحياز إلى مواقف متشددة لا تتماشى مع التحولات السياسية الراهنة. ويتجلى ذلك بوضوح في الموقف الروسي الرافض لحضور جبهة البوليساريو في القمم الروسية – الإفريقية، وهو ما يعكس إدراك موسكو لمحدودية تأثير هذا الكيان في المعادلة الإقليمية.
هذا التطور يندرج ضمن تحول أوسع في مواقف القوى الكبرى تجاه قضية الصحراء، حيث باتت أكثر ميلاً لدعم حلول عملية وقابلة للتطبيق، بدلاً من تبني مواقف تقليدية لا تحقق أي تقدم ملموس.
وفي ظل هذه المتغيرات، تواجه الدبلوماسية الجزائرية صعوبة متزايدة في إقناع شركائها التقليديين بموقفها، في وقت يواصل فيه المغرب تحقيق اختراقات دبلوماسية متتالية، مستفيداً من نهج براغماتي يقوم على تعزيز التعاون الاقتصادي والانفتاح الدولي، إلى جانب مشاريع تنموية كبرى في أقاليمه الجنوبية.
أمام هذا المشهد، يبدو أن الجزائر مطالبة بإعادة النظر في استراتيجيتها الدبلوماسية، خاصة أن تجاهل ملف الصحراء في المحافل الدولية قد يكون مؤشراً على تقلص تأثيرها في هذا النزاع، لصالح مقاربة أكثر انسجاماً مع الديناميكيات الجديدة في السياسة العالمية.