أنا الخبر ـ متابعة
يبدو أن سياسة “اللعب على الحبلين” التي تنهجها إسبانيا في التعامل مع المغرب ومع قضية الصحراء، قد انتقلت تجلياتها من السياسيين والدبلوماسيين إلى وسائل الإعلام الرسمية، إذ بعدما أضحت قنوات الشبكة الرسمية تنشر خريطة مختلفة للمملكة استبدلت فيها فصلها عن الأقاليم الصحراوية بفصلها فقط عن المنطقة العازلة، قامت اليوم بنشر وثائقي وصفت فيها التطلعات الانفصالية لجبهة “البوليساريو” وعملها المسلح ضد المغرب بـ”المقاومة”، واتهمت المملكة بـ”خرق وقف إطلاق النار” في 2020.
واليوم الجمعة، نشرت شبكة الإذاعة والتلفزة الإسبانية RTVE على منصتها للإنتاجات البصرية وفق ما كتيته “الصحيفة”، وثائقيا بعنوان “الصحراء الغربية: ذكريات المقاومة”، والذي عرض وجهة نظر واحدة هي تلك التي تمثل الانفصاليين، مكتفيا باستضافة عناصر من جبهة “البوليساريو” ونشطاء إسبان داعمين للطرح الانفصالي، وهي الخطوة التي تلت عرض القناة خريطة المغرب “شبه الكاملة” مرة أخرى أمس الأربعاء، بعدما بدأت تعتمدها منذ أبريل من العام الماضي.
وتصف الشبكة في هذا العمل الأراضي الصحراوية الخاضعة لسيادة المغرب بأنها “واقعة تحت الاحتلال”، وعلى الرغم من أن حكومة بيدرو سانشيز أكدت مرارا أنه لم يعد يربطها أي رابط إداري بالمنطقة منذ انسحابها سنة 1975، إلا أن الشبكة مصرة على وصفها “بالسلطة القائمة على إدارة الصحراء بحكم القانون”، كما أنها اعتبرت التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية في “الكركارات” لإنهاء قطع الطريق البري المدني يوم 13 نونبر 2020 “انتهاكا لوقف إطلاق النار من طرف المغرب”.
وبدا واضحا أن الشبكة تتبنى وجهات النظر الخاصة بــ”البوليساريو” بشكل كامل دون موازنتها بالطرح المغربي ولا حتى بالاعتماد على الموقف الرسمي الإسباني أو العبارات المستخدمة من طرف الأمم المتحدة، إذ تعتبر ما يجري حاليا خلف الجدار الأمني بـ”عودة النزاع المسلح”، وتصف نشاط ميليشيات البوليساريو بـ”المقاومة”، كما تسميهم بـ”الأبطال المدافعين عن حق تقرير المصير”، معتبرة أن الفيلم يهدف إلى “توضيح هذا الصراع التاريخي ومقاومة الصمت الذي تتمسك به حوله معظم وسائل الإعلام”.
ويأتي ذلك في الوقت الذي لا يزال فيه المغرب مُصرا على رفض مد يده للمصالحة مع إسبانيا بسبب موقفها من قضية الصحراء، وذلك بعد استقبالها، قبل أكثر من 10 أشهر، لزعيم “البوليساريو” إبراهيم غالي على أراضيها بشكل سري وبواسطة وثائق هوية مزيفة، ومن المرجح أن يزداد هذا الرفض حدة بسبب استقبال رئيس الحكومة الإسباني لغالي على هامش قمة أوروبا وإفريقيا في بروكسيل، رغم أن جميع زعماء وممثلي دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، بدون استثناء، رفضوا مجالسته.