بقلم: إسماعيل الحلوتي
مرة أخرى ولن تكون الأخيرة بكل تأكيد، يتضح جليا أن أعداء المغرب وخصوم وحدته الترابية، أصبحوا أكثر انزعاجا مما تحقق له من نهضة بفضل عديد الإصلاحات والمشاريع التنموية الضخمة. لاسيما بعد أن أضحى لاعبا إقليميا وأساسيا، وذا صيت واسع داخل المؤسسات الدولية والقارية الكبرى، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، ومنارة شامخة للسلام والاستقرار. وبدوا مصرين على التمادي في مضايقاته ومحاولة عرقلة مساره، مسخرين لذلك أقلاما مأجورة وغيرها من المرتزقة، ومعتمدين على كل الأساليب الدهاء والحملات الإعلامية المغرضة، في محاولة يائسة للنيل من سمعته وضرب مصداقيته، ناسين أنه أقوى من كل زوابعهم الإعلامية الوهمية…
إذ في خطوة مباغتة ومثيرة للاستغراب، أقدم الإعلام الدولي والفرنسي بوجه خاص على اتهام المغرب بالتجسس، من خلال نشر تقارير إعلامية ومواد إخبارية صادرة عن تعاون كل من منظمة العفو الدولية وائتلاف ما يسمى ب”القصص الممنوعة” أو “فوربيدن ستوريز” الفرنسي مع عدد من المؤسسات الإعلامية ك”واشنطن بوست” و”الغارديان” و”لوموند” وغيرها من الصحف والمواقع الأجنبية، تشير جميعها إلى احتمال تورط السلطات المغربية في استخدام برنامج “بيغاسوس” ذي الصنع الإسرائيلي التابع لمجموعة “إن إس أو”، القادر على جمع البيانات الشخصية واستغلالها في عملية التجسس، عبر كاميرا الهاتف أو الميكروفون، بعد تسريب قائمة بأسماء حوالي 50 ألف هدف مراقبة…
وبالنظر إلى خطورة الاتهامات الباطلة في هذا الظرف الدقيق، فإنه فضلا عن إصدار رئاسة النيابة العامة تعليماتها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، لإجراء بحث قضائي حول موضوع هذه المزاعم المغرضة وتحديد الجهات الواقفة خلفها والمحرضة على نشرها، وقيام الوكيل العام للملك هو الآخر بإصدار تعليماته إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للتعجيل بإنجاز تحقيق في الموضوع، قصد الإحاطة بكل ملابساته وتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية.
سارع المغرب إلى مقاضاة الصحف الأجنبية المسخرة من قبل جهات معادية لمصالحه ووحدته الترابية، خاصة أنها نشرت تقارير ومواد تستهدف أمنه واستقراره دون أن تتحرى الدقة في استقاء المعلومات، وتتوفر على ما يثبت اختراق السلطات لأجهزة هواتف 30 شخصية من فرنسا والمغرب. متوخيا من هذا المنحى القانوني والقضائي على الصعيدين الوطني والدولي، الانبراء لأي جهة أو طرف يهدف إلى استثمار مثل هذه الادعاءات الزائفة ضده، ومعربا في ذات الوقت عن إدانته الشديدة لما يتعرض إليه من حملة إعلامية متواصلة ومضللة، واسعة ومريبة، تروج الأكاذيب والشائعات، كما أنه يتحدى منظمة العفو الدولية وائتلاف “فوربيدن ستوريز” ومن يدعمهما والخاضعين لحمايتهما، تقديم ما يسند أقاويلهم من دلائل مادية وملموسة. فقد سبق له أن تحدى ال”أمنستي” في يونيو 2020، أن تأتي ببرهانها في ما تدعيه من اتهامات ملفقة إن كانت صادقة، من غير أن تستجيب لذلك وترد على مراسلة النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي اقترحت عليها في حينه العمل سويا لإجلاء الحقيقة؟
ففي ذات السياق نفى وزير الشؤوون الخارجية والتعاون الإفريقي والجالية المقيمة في الخارج، ناصر بوريطة، ما ورد من مغالطات في “التحقيقات الاستقصائية” التي نشرها “كونسورتيوم” المكون من 17 صحيفة دولية بزعامة ائتلاف “القصص الممنوعة”، موضحا أن توقيت الحملة الإعلامية لم يأت عبثا، بل جاء عشية تخليد الشعب المغربي ذكرى جلوس عاهله المفدى على عرش أسلافه المنعمين. وتتويجا لما سبق في السنوات الأخيرة من تصعيد إعلامي مكثف، لتشويه صورة المغرب ومؤسساته، بالاعتماد أحيانا على نشر كتب أو مقالات ومقابلات صحفية وتقارير خبيثة وغيرها…
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن ما نشر ضد المغرب مجرد “ادعاءات تفتقر إلى التدقيق والتحقيق، خاصة أن الادعاءات شملت مسؤولين سامين في تناقض يكشف عن حجم الاختلالات في ما نشر من اتهامات”، وأكدت على أن عددا من الصحافيين الواردة أسماؤهم ضمن لائحة من تعرضت هواتفهم للاختراق، بادروا إلى تكذيب هذا الزعم الخاطئ، وتم سحب أسمائهم من اللائحة “المخدومة” دون أي تبرير أو تفسير. وأجمعت الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والنقابية على رفضها التام لترويج مثل هذه الأخبار الزائفة، مفصحة عن استيائها وتذمرها مما وصفه بعضها بالإساءة للسلطات المغربية، عبر اتهامها باختراق أجهرة هواتف شخصيات عامة وطنية ودولية بمن فيها ملك البلاد محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باستعمال برمجيات معلوماتية، مشددة على ما لهذا الاستهداف الدنيء من خلفيات سياسية هجينة…
أبى رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ الفرنسي، الذي هو أيضا رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية في ذات المجلس، “كريستيان كامبون”، إلا أن يفند مزاعم موقع “ميديا بات” الفرنسي و”فوربيدن ستوريز” وغيره حول ما تضمنته تلك التقارير من اتهامات عن تسلل مسؤولين مغاربة لهواتف بعض الشخصيات، واصفا إياها بحملات التشهير الشعواء التي تهدف بالأساس إلى زعزعة استقرار المغرب وبث بذور الشك والفرقة بين أبنائه…
إن المغرب بفضل تلاحم أبنائه وسياسة قائده الملهم، المبنية على الدفاع عن أهم القضايا والمصالح الوطنية، وعلى قيم التضامن والتآزر، والمساهمة في حل النزاعات وتحقيق السلم والأمن الدوليين، وتعزيز أواصر التعاون في الدوائر العربية والإسلامية والإفريقية والدولية، استطاع أن يتبوأ مكانة إقليمية ودولية متميزة. ومن الوهم أن يعتقد حساده وأعداؤه وخصوم وحدته الترابية، أنهم بمكرهم وضرباتهم المتوالية وحملاتهم العشوائية قادرون على تقويض معنوياته، ذلك أن سقفه حديد وركنه حجر، ولن تنال منه الزوابع والعواصف مهما اشتدت حدتها.