أنا الخبر | Analkhabar
في أول تعليق حقيقي له على الاعتداء الذي تعرض له المنتخب المغربي للناشئين بالجزائر، خرج حفيظ دراجي عن صمته.
وكتب مقالا مطولا بصحيفة”القدس” نعيد نشره هنا بلا زيادة أو نقصان والحكم الأول والأخير للقارئ:
“أولتجنبا لمزيد من الاحتقان والتأويلات، تعمدت عدم التعليق في حينها على المشادات التي وقعت بين لاعبي المنتخبين الجزائري والمغربي عند انتهاء سلسلة ركلات الترجيح، وتتويج المنتخب الجزائري بكأس العرب للناشئين، اعتقادا مني بأن الأمر يتعلق بمجرد مناوشات عادية بين أطفال صغار تحدث في مباريات الكرة في كل مكان.
لكن بما أنها أخذت أبعادا أكبر منها في بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، رأيت أنه من واجبي مواجهة كل أشكال الافتراء والتهييج والتضخيم الذي مارسه البعض من خلال التركيز على صور الاشتباك، بقراءات وتحليلات غير مهنية، ومقابل التغاضي عن نشر فيديو الممر الشرفي الذي خصصه لاعبو المنتخب الجزائري لأشبال المغرب في حفل تسليم الميداليات والكأس.
ما ساهم في تصعيد حدة الاحتقان وتبادل الاتهامات على حساب شبان صغار، بلغوا النهائي بجدارة، وأرادوا تحقيق الفوز باللقب فوق أرضية الميدان وفقط.
فضلت التريث وعدم الخوض مع الخائضين حتى تهدأ الأعصاب وتتضح الصورة للناس، ويستوعب الجميع بأن المباراة جرت في روح رياضية عالية طيلة وقتها الرسمي أمام أكثر من عشرين ألف متفرج، ولم يكن هناك ما يوحي بأن مشادات ستحدث بين اللاعبين عند نهايتها، خاصة أن المنتخب المغربي كان متفوقا الى غاية الدقيقة التسعين.
قبل أن يعدل الجزائريون النتيجة ويفوزون بركلات الترجيح، وتندلع الشرارة بعد ثوان بعد تسجيل اللاعب زياد نمر هدف الفوز، بسبب لاعب جزائري تعمد استفزاز الحارس المغربي بطريقته في الاحتفال، فحصلت ردة فعل في لحظة غضب أدت الى اشتباكات بين اللاعبين انتهت في ثواني، من دون أن تحدث إصابات في صفوف اللاعبين (الأطفال) الذين تصافحوا وصفقوا لبعضهم بعضاً عند صعود منصة التتويج، لتنطلق بعدها في منصات أخرى اتهامات متبادلة بين “الكبار” بلغت مستويات دنيئة لأغراض أكثر دناءة.
لن أدافع هنا عن وجهة نظر بعض الجزائريين في تحميل المسؤولية للطرف المغربي نتيجة غضب لاعبيه بسبب الخسارة، ولا أوافق بالمقابل على بعض وجهات النظر المغربية التي بالغت في تضخيم المشادات وإعطائها أبعادا أكثر من حجمها، ووصفها باعتداءات وحشية وهمجية من بعض المحسوبين على الاعلام.
وكأنها تحدث لأول مرة في عالم الكرة، لكن لا بد علينا التوقف عند الاستغلال اللاأخلاقي للواقعة من أجل اذكاء مزيد من الأحقاد والاحتقان بين شعبين وبلدين على حساب شبان صغار وجماهير كروية عاشقة للكرة وبلدها، ستلتقي لا محالة في مناسبات رياضية لاحقة وهي مشحونة، ما ينذر بأحداث أخرى أخطر بكثير مما وقع في نهائي كأس العرب،.
لا يمكن التحكم فيها خاصة إذا امتدت إلى الأوساط الجماهيرية المشحونة أصلا بسبب الكرة، والقابلة لمزيد من الشحناء والبغضاء بسبب ساسة وإعلاميين بلغ بينهم الاحتقان درجة كبيرة لم يسبق لها مثيل.
صحيح أن العلاقات بين المغرب والجزائر تشهد احتقانا سياسيا واعلاميا، وتجاوزات متبادلة بين الساسة والإعلاميين، امتدت الى أوساط شعبية خلال الفترة الماضية، بلغت مستويات غير مقبولة أخلاقيا، أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية، لكن توريط أطفال صغار وتجييش الناس بسبب مشادات دامت بضعة ثوان لا يليق مهما كانت الأسباب.
خاصة وأن الاتحاد العربي لكرة القدم أصدر عقوبات متفاوتة في حق المتسببين، تبقى كافية لطي الملف وتجنب توسيع نطاق القطيعة الى المجال الرياضي والحفاظ على شعرة معاوية في العلاقات بين الجزائر والمغرب، حتى وإن كان من الصعب عودتها إلى طبيعتها في الظرف الراهن من دون مجهودات وتنازلات متبادلة، ليس عن القيم والمبادئ والمواقف التي يؤمن بها كل طرف، لكن على الأقل على مستوى المشاعر والنوايا السيئة السائدة والمتزايدة”.