اعتبر المجلس الأعلى للحسابات، أن ضمان ديمومة منظومة التقاعد على المدى الطويل يقتضي الإسراع في تنزيل ورش الإصلاح الهيكلي لنظام التقاعد،
لا سيما فيما يخص توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد سنة 2025 ليشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش.
وذكر تقرير المجلس لسنة 2021، أن “أنظمة التقاعد الأساسية،
ورغم الإصلاحات المقياسية التي همت بالأساس كلا من نظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد منذ سنة 2016
وكذلك النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في سنة 2021، لم تمكن من تحقيق التوازنات المالية لهذه الأنظمة”،
وهو الأمر الذي أدى إلى اقتراب نفاد احتياطاتها في آجال متفاوتة.
ومن جهة أخرى، سجل التقرير أن المالية العمومية تواجه تحديات اقتصادية مرتبطة بالزيادة في النفقات وإكراهات تعبئة المداخيل،
في ظل السياق الحالي، حيث وقف المجلس في هذا التقرير السنوي على مجموعة من نقاط الاهتمام الكبرى،
ترتبط أساسا بضرورة استرجاع التوازنات المالية والتحكم في عجز الميزانية والمديونية وترشيد الحسابات الخصوصية للخزينة،
وديمومة أنظمة التقاعد، وذلك حرصا منه على التتبع المستمر لأداء المالية العمومية.
وأضاف المصدر ذاته، أن النفقات العمومية، من جهة، تعرف زيادة ناتجة عن دعم أسعار المواد الاستهلاكية،
ورفع الأجور في الوظيفة العمومية، وكذا تنزيل الإصلاحات المتعلقة بالمنظومة الصحية والحماية الاجتماعية ومنظومة التعليم ومنظومة التقاعد،
فضلا عن الاستثمار العمومي الذي يحتاج إلى الحفاظ على ديناميته،
ومن جهة أخرى، فمن المتوقع أن تعرف المداخيل الضريبية تراجعا نظرا لتباطؤ النمو، وذلك رغم التطور التي عرفته هذه المداخيل خلال سنتي 2021 و2022.
وبحسب التقرير فإنه من المنتظر كذلك ألا تكون الموارد غير الضريبية،
المحصل عليها أساسا من مساهمات المؤسسات والشركات العمومية وموارد الخوصصة، كافية لمواجهة ارتفاع النفقات،
بالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن تشهد شروط التمويل من خلال اللجوء إلى المديونية، على الصعيدين الداخلي والدولي،
تغيرا خصوصا على مستوى الزيادة في أسعار الفائدة مع ما سيكون لذلك من تأثير على كلفة الدين.
المجلس الأعلى للحسابات.. ضرورة مواصلة الاصلاح
وذكر المصدر ذاته، أنه في ظل هذه الإكراهات، فإن المجلس قد أكد على أهمية الاستمرار والتسريع في تنزيل الإصلاحات التي تم الشروع فيها على مستوى المالية العمومية وكذا الإصلاحات المهيكلة الأخرى،
ولاسيما تلك المتعلقة بإصلاح محفظة المؤسسات والمقاولات العمومية وتحسين تعبئة مواردها وإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية،
إضافة إلى قطاع المياه، بما في ذلك تحليتها، والانتقال الطاقي، الأمر الذي من شأنه أن يمكن من عقلنة تكاليف الماء والطاقة.
وتابع، أن تدبير الحسابات الخصوصية للخزينة يستدعى اهتماما خاصا بالنظر للنسبة المهمة التي تشكلها داخل ميزانية الدولة على مستوى المداخيل والنفقات،
وكذا لتعددها وتراكم أرصدتها المحاسباتية، داعيا، كما سبق ذلك في تقاريره السابقة،
إلى ضرورة ترشيد عدد هذه الحسابات وحصتها من ميزانية الدولة.
وعلاوة على ذلك، تطرح إشكالية نجاعة الاستثمار العمومي، يضيف المجلس،
خصوصا أنه وعلى الرغم من أن بلادنا بذلت مجهودات استثمارية مهمة خلال السنوات العشر الماضية،
فإن أثر هذه المجهودات ظل محدودا نسبيا من حيث مساهمته في النمو الاقتصادي وتحسين الإنتاجية،
وأيضا كرافعة لاستثمارات القطاع الخاص.
وأشار الى أن بعضا من العوامل التي تحد من نجاعة الاستثمار العمومي ترتبط، من جهة، ببنية وتركيبة وطبيعة الاستثمارات نفسها من حيث جودتها وجدواها، والتي لا تمك ن من تثمين وتحسين الثروة الوطنية،
ومن جهة أخرى، بالنقائص التي تعرفها مختلف مراحل تدبير مشاريع الاستثمار انطلاقا من التحديد الدقيق للاحتياجات إلى تتبع وتقييم المشاريع.
وخلص التقرير، إلى أن المجلس قد أوصى، تبعا لذلك، بوضع إطار مؤسساتي وقانوني مخصص للتقييم القبلي لمشاريع الاستثمار العمومي،
مع اعتماد منهجية موحدة تستجيب لخصوصيات ومتطلبات تدبير مختلف القطاعات.
كما دعا إلى إحداث قاعدة بيانات مندمجة متعلقة بمشاريع الاستثمار، مدعومة بنظام معلوماتي ناجع للتتبع وللمساعدة على اتخاذ القرار.
و.م.ع ـ أنا الخبر